Posted by: mustaf2 | أفريل 24, 2017

الإنتخابات رزمة واحدة

الإنتخابات رزمة واحدة/ مصطفى ابراهيم
24/4/2017

يبدو الوضع الفلسطيني أكثر تحدياً مع تصريحات الرئيس محمود عباس لاستعادة الوحدة الوطنية حتى باجراءات غير مسبوقة، ويبدو من الصعب حتى الأن أن يتوصل الطرفان المتخاصمان إلى إنهاء الانقسام ما لم يتم تطبيق ما تم الاتفاق عليه كرزمة واحدة، لذلك، تزداد الحاجة إلى اقتناص الفرصة عبر توظيف الفترة الدقيقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني والنظام السياسي الفلسطيني لتجديد شرعيته في مؤسساته بدء من منظمة التحرير، واجراء انتخابات المجلس الوطني وانتهاء بالرئاسة، خاصة وان حركتي فتح وحماس أجرت انتخاباتهما الداخلية وبات من الضروري خلق مناخ من الوحدة وتضامن الفلسطينيين مع أنفسهم، من أجل المضي في خطوات وإجراءات اتمام الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، وبناء ما دمره الاحتلال في غزة، وإعادة الثقة للفلسطينيين في نظامهم السياسي من خلال إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية التمثيلية.
الانتخابات هي مبدأ مهم من مبادئ وقواعد الديمقراطية، وهي مدخل للتداول على السلطة في النظام السياسي الفلسطيني برمته، هكذا يجب أن يكون الوضع سواء في منظمة التحرير أو السلطة الفلسطينية. ومع أن الحال الفلسطيني كان قائما على الشراكة والتوافق السياسي إلى حد بعيد، إلا أن دخول حركة حماس إلى النظام السياسي الرسمي على مستوى السلطة بعد فوزها في انتخابات 2006، من دون توافق على قواعد النظام السياسي الفلسطيني قلب المعادلة.
وبمطالبتها بدخول منظمة التحرير الفلسطينية واقتسام السلطة وسيطرتها على قطاع غزة في العام 2007، وعدم تقبل حركة فتح – من حيث الممارسة العملية – لنتائج الانتخابات، وبحركة حماس كحركة سياسية فازت بالانتخابات ورؤيتها السياسية، بات النظام السياسي الفلسطيني منقسما وملتبسا، وهو ما ساهم في تعقيد الأمور أكثر.
وبعد عقد من الانقسام، وبعد ان توصل الفريقان المتخاصمان إلى اتفاقات سرعان ما أعاد الاختلاف إلى الواجهة مرة أخرى، لاسيما خطوة الرئيس محمود عباس ومطالبته باجراء بتشكيل حكومة وحدة وطنية تمهيدا لإجراء الانتخابات في حين أن حركة حماس تطالب باجراء الانتخابات رزمة واحدة.
في العادة حركات المقاومة لا تخضع لإجراء الانتخابات تحت الاحتلال قبل الاستقلال، وهو أمر صعب وله حساسيته، ومع هذا فالواقع الفلسطيني القائم له خصوصية لا يمكن التخلص منها بسرعة، وليس سهلا التراجع عن “مكتسبات الأمر الواقع” في كل من الضفة والقطاع، ونحن على هذه الحال، حيث يتمسك كل طرف بالسلطة، وله رؤية سياسية مختلفة ومتباينة عن الآخر.
فالانتخابات التي أجريت في الأراضي الفلسطينية، وبخاصة في مؤسسات السلطة، أحدثت نقلة في النظام السياسي الفلسطيني، لكنها بقيت غير مكتملة، فهي لم تشمل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وبقيت حركة فتح تتحكم بها، ناهيك عن كونها تعاني من أمراض التفكك والإهمال والفساد، حيث أن هناك حاجة ملحة إلى إصلاح جذري في مؤسساتها.
لاشك في أن الانتخابات هامة وضرورية لتجديد الشرعيات ولإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني من خلال التوافق على رؤية سياسية واحدة وتشكيل حكومة موحدة، لكن هذا يتطلب إجراء الانتخابات بالتوازي، بما يشمل منظمة التحرير، لإعادة ترميمها وإصلاحها، والمجلس التشريعي والرئاسة.
حتى لو وافقت حركة حماس على إجراء الانتخابات كما يريد الرئيس وحركة فتح من دون التوصل إلى اتفاق الرزمة، ومن دون تشكيل حكومة ذات مهمات تفوق مجرد التحضير للانتخابات وإعادة اعمار قطاع غزة، لتشمل إعادة بناء وتوحيد المؤسسات المدنية والأمنية في كل من الضفة والقطاع، من سيكفل أن تقوم الأجهزة الأمنية التابعة لكل من الطرفين في منطقة ولايته بتوفير متطلبات الحماية وتوفير مناخ ديمقراطي والسماح بحرية العمل السياسي وعدم تكرار مظاهر الاعتقال السياسي ورفع القيود عن الحريات العامة وحرية التعبير، واحترام حقوق الانسان والتعددية، وكلها شروط ضرورة لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة؟
في ضوء ذلك، يبدو الرهان على انتخابات تحل مشاكل الفلسطينيين، و”تحسم” الخلاف القائم في ظل الانقسام، خطأ يوازي إعادة استنساخ تجربة انتخابات 2006، حين أجريت من دون الاتفاق على إستراتيجية وطنية موحدة تجمع الكل الفلسطيني وتعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية، فضلا عن ضرورة التوافق على أسس الشراكة السياسية التي تكفل حق الاختلاف على قاعدة الوحدة في إطار منظمة التحرير بصفتها المرجعية الوطنية العليا والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
إن الانتخابات وما قد يترتب عليها ليست هي المدخل الصحيح لحل مشكلات الفلسطينيين وأزمة نظامهم السياسي، وعليهم قبل ذلك الخوض في تفاصيل كثيرة ومعقدة، وأصحاب النوايا الطيبة هم من يفكرون بأن الأمور تسير بسهولة ويسر.
في الحالة الفلسطينية أصبحت الانتخابات وفق مفهوم يعتبرها أداة أو وسيلة لحسم الصراع الداخلي، وليست محطة لتطوير النظام السياسي الديمقراطي التعددي، عبئا على القضية الفلسطينية، ولن تحل مشكلاتهم وهم مختلفون سياسيا.
ومن دون التوصل إلى توافق بين “حماس” و”فتح” وباقي الفصائل الفلسطينية على أسس جديدة للنظام السياسي الفلسطيني لن يتم تحقيق الهدف المرجو من الانتخابات، وهو تحقيق إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وضمان المشاركة والتعددية والالتزام بالمرجعية الوطنية العليا ممثلة بمنظمة التحرير.
ففي الحالة الفلسطينية، أدت الانتخابات إلى تعميق أزمة الفلسطينيين، وبالرغم من أن حركة حماس محقة في مطالبتها بتطبيق الاتفاق كرزمة تشمل جميع الملفات، إلا انها أيضا تحاول الاستفادة من فرض شروطها بدخول منظمة التحرير.


أضف تعليق

التصنيفات