Posted by: mustaf2 | فيفري 5, 2010

دولة زعران

دولة زعران / مصطفى إبراهيم

6/2/2010

ذكرت بعض المصادر الإسرائيلية أن قادة كبار في الجيش الإسرائيلي فوجئوا من حدة التقديرات التي أطلقها إيهود باراك وزير الأمن الإسرائيلي خلال لقاءه معهم الأسبوع الماضي، عندما قال:” إنه في ظل عدم التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية، قد نجد أنفسنا في مواجهة عسكرية يمكن ان تؤدي إلى حرب شاملة”.

كما فوجئت القيادة الإسرائيلية من تحذير وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي قال: “إن أي حرب في هذه الحالة ستتحول إلى “حرب شاملة”، وأضاف: ” لن تسلم منها المدن الإسرائيلية، وقال “لا تختبروا أيها الإسرائيليون عزم سوريا، تعلمون ان الحرب في هذا الوقت سوف تنتقل إلى مدنكم، عودوا إلى رشدكم وانتهجوا طريق السلام، هذا الطريق واضح والتزموا بمتطلبات السلام العادل والشامل”.

وتابع المعلم أن ” إسرائيل تسرع مناخ الحرب في المنطقة وأقول لهم كفى لعباً لدور الزعران في هذه المنطقة مرة يهددون غزة وتارة جنوب لبنان ثم إيران والان سورية”.

وما تلا ذلك من هجوم وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على القيادة السورية، وتهديداته لها بإطاحة نظام الحكم، وما لاقته من انتقادات واسعة في الساحة السياسية الإسرائيلية من قبل أوساط في الائتلاف الحكومي، وفي المعارضة، التي وصفت ليبرمان بأنه “يلعب بالنار” و “مثير للحروب”، ودعا بعضها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى إقالته.

وبعد ساعات من هجوم ليبرمان على سورية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بياناً مشتركا مع ليبرمان قالا فيه ” إن وجهة إسرائيل للسلام ولمفاوضات سياسية مع سورية من دون شروط مسبقة، لكن بموازاة ذلك ستستمر إسرائيل العمل بإصرار وحزم مع كافة التهديدات التي تواجهها”.

وجاءت تحذيرات وزير الخارجية السوري رداً على تصريحات باراك الذي فجر التصعيد الإعلامي، وردود الفعل في الساحتين السورية والإسرائيلية، إلا أنه عاد وتراجع عن تصريحاته ووجه انتقادات لوزير الخارجية ليبرمان، وقال: “إنه بدلاً من الحماسة الكلامية يجب الجلوس والتحدث، فالجميع يعرف الثمن”.

وفي ذات السياق اعتبرت مصادر أمنية إسرائيلية أن تصريحات باراك موجهة إلى الداخل الإسرائيلي، ويهدف إلى أهمية السلام، وادعت بعض المصادر المقربة من باراك أن السوريين أخطأوا في تفسيراتهم تصريحات وزير الأمن الذي قال” إن “حيوية السلام مع سورية من أجل منع حرب شاملة في المنطقة”.

و أراد من خلالها تشجيع نتانياهو على إحياء المسار التفاوضي مع سورية، وأن باراك يتبنى هذا الموقف منذ مدة طويلة، ويدعمه رئيس هيئة أركان الجيش غابي أشكنازي لقناعتهما أن استئناف المفاوضات سيمس بشكل جدي بالمحور الراديكالي التي تتزعمه إيران.

وأضافت المصادر أن باراك يؤمن أيضاً بأن فرص نجاح المفاوضات مع سورية أكبر من احتمالات نجاحها مع الفلسطينيين، وذكّرت صحيفة “هآرتس” بأن أركان الجيش يرون في السلام مع سورية “حتى بثمن إعادة الجولان، انعكاسات ايجابية واسعة ويمكن أن يضعف مكانة إيران ونفوذها الدوليين، فضلاً عن إبعاد سورية عن المحور الراديكالي”.

تبريرات وزير الأمن الإسرائيلي باراك والمقربين منه، هي تكرار لإدعاءات سابقة للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والتي كانت وما تزال تقول أن التوصل إلى تسوية مع سورية سوف تبعدها عن المحور الراديكالي التي تقوده إيران.

إلا أن بعض المعلقين الاسرائيليين نفى أن تكون تصريحات باراك موجهة إلى الداخل الإسرائيلي أو حض وتشجيع نتانياهو على إحياء المسار التفاوضي مع سورية، أو تشجيعها على الابتعاد عن المحور الراديكالي التي تقوده إيران فقط، والتي لم ينفك المسؤولين الاسرائيليين عن الحديث عن هذه الاسطوانة، بل تأتي كرسالة تهديد إلى الحكومة اللبنانية وأنها تتحمل مسؤولية كل ما يقوم به حزب الله، وان إسرائيل في حال مهاجمتها لحزب الله لن تهاجم أهداف لحزب الله فقط.

وقال بعض المعلقين إن السر في التصعيد في تبادل الاتهامات بين إسرائيل وسورية بأن إيران قد تحاول دفع أذرعتها في إشارة إلى حزب الله إلى حرب مع إسرائيل رداً على العقوبات الدولية المتوقع ان تفرض عليها.

كما ربطت بعض المصادر الإسرائيلية التوتر مع سورية بالذكرى السنوية لاغتيال القيادي في “حزب الله” عماد مغنية، وقالت إن ثمة مخاوف إسرائيلية من عملية انتقامية لـ “حزب الله” ضد أهداف إسرائيلية في العالم، قد يؤدي إلى إشعال الجبهة الشمالية (مع لبنان).

وتظل الحقيقة الراسخة أن دولة يقودها مجموعة من الزعران وتقوم أساساً على العدوان والتوسع وفرض الشروط والاملاءات، هي دولة غير مؤمنة بالسلام العادل والشامل.


أضف تعليق

التصنيفات