Posted by: mustaf2 | أكتوبر 5, 2009

من يخوض معركة تقرير غولدستون

من يخوض معركة تقرير “جولدستون”؟  /  رائد لافي /  دار الخليج

24/09/2009 

الجرائم البشعة التي ارتكبتها دولة الاحتلال “الإسرائيلي” ضد الفلسطينيين العزل خلال الحرب الأخيرة على غزة واضحة وكانت ماثلة أمام العالم بالبث الحي والمباشر بما لا يجعلها بحاجة إلى لجان تحقيق وتقارير لإثبات وقوعها، ولكن في زمن اختلال الموازين أصبح كل شيء بحاجة إلى ما يثبته أو ينفيه، ومن هنا جاء تقرير اللجنة الأممية لتقصي الحقائق التي شكلتها الأمم المتحدة برئاسة القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد جولدستون ليثبت ارتكاب الكيان جرائم ضد المدنيين ترتقي إلى مرتبة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقع “تقرير جولدستون” على أركان الكيان كالصاعقة، وثارت عاصفة من التصريحات العنيفة وسيل من الاتهامات، ليس من بينها تهمة “معاداة السامية” التي دأبت دولة الاحتلال “الإسرائيلي” أن تقذفها في وجه كل من يوجه لها النقد، ذلك أن جودلستون هو يهودي الديانة، الأمر الذي حرم هذه الدولة “المارقة” من أهم أسلحتها.

“إسرائيل” اعتادت منذ قيامها على أنقاض فلسطين التاريخية إبان نكبة العام 1948 على التصرف كدولة “فوق القانون”، وتمكنت بواسطة الغطاء الأمريكي والتخاذل الدولي من الإفلات بجرائمها دون عقاب، رغم بشاعة ما ارتكبته على مدار أكثر من ستة عقود بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، في حين كان القانون الدولي حاضراً ضد دول وشخصيات كثيرة في العالم لاقت العقاب الذي تستحق على جرائم أقل حدة من الجرائم “الإسرائيلية”.

ويقول الكاتب الصحافي المتابع للشؤون “الإسرائيلية” مصطفى إبراهيم إن الغضب سيد الموقف في اجتماع جلسة “منتدى السباعية” الذي يضم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وستة آخرين من كبار وزرائه، الذين أعربوا عن خشيتهم من أن يؤثر التقرير في علاقات وسمعة “إسرائيل” بالمجتمع الدولي. ومن أجل ذلك شرعت حكومة الاحتلال بحملة واسعة ل”زعزعة صدقية” التقرير، وللحيلولة دون انعقاد مجلس الأمن الدولي والتصويت على اتخاذ إجراءات عقابية ضد شخصيات “إسرائيلية” بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وتناولت وسائل الإعلام العبرية تصريحات لمسؤولين “إسرائيليين” رفيعي المستوى، تشير إلى أن الكيان سيسعى لتجنيد الولايات المتحدة ودول أوروبية ل”منع أي انعكاسات خطيرة”، ينطوي عليها التقرير، قد تصل إلى القيام بسلسلة اعتقالات في أنحاء أوروبا لمسؤولين بارزين من صناع القرار، وليس لضباط كبار في جيش الاحتلال فقط ممن شاركوا في العدوان على غزة.

وبحسب إبراهيم فقد تم تشكيل لجنة ثلاثية تضم نتنياهو، ووزير حربه إيهود باراك، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان للتصدي للتقرير الأممي، فيما بدأت وزارة الخارجية “الإسرائيلية” عملها فوراً بتجنيد رئيس الكيان شمعون بيريز للتصدي للتقرير كسياسي ودبلوماسي متمرس في الساحة الدولية للتخفيف من حدة مضمون التقرير.

وفي مؤتمر صحافي عقده في 16 أيلول/ سبتمبر الجاري وبعد وقت قصير من صدور التقرير، هاجم بيريز تقرير لجنة جولدستون الذي وصفه بأنه “يسخر من التاريخ ولا يفرق بين مهاجم ومدافع”. ووصف العدوان على غزة بأنه “حرب دفاعية”، وقال: “لو كان معد التقرير، جولدستون، يسكن في سديروت، ولو كان أبناؤه معرضين لإرهاب الصواريخ، لما كان كتب هذا التقرير. المجرم هو المهاجم العدواني والمدافع لا خيار أمامه إلا الدفاع عن نفسه”.

بيريز تجاهل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ العام ،2000 وليس بعد فوز حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية الثانية قبل ثلاثة أعوام، فيما التقرير الأممي أكد أن الحصار “الإسرائيلي” على غزة شكل ولا يزال يشكل انتهاكاً لالتزامات “إسرائيل”، بصفتها الدولة القائمة بالاحتلال بموجب اتفاقيات جنيف الرابعة، بالإضافة إلى ممارساتها التي تحول دون تمكن الفلسطينيين من الحصول على لقمة العيش ومن حرية الحركة، فإنها “قد تقود محكمة قديرة إلى اعتبارها جريمة ضد الإنسانية”.

اذن المعركة على تقرير لجنة جولدستون بدأت، ووفقاً للكاتب إبراهيم، فإن “إسرائيل” جندت كل قدراتها السياسية والدبلوماسية والإعلامية لكسب المعركة، وبدأت الماكنة الإعلامية “الإسرائيلية” بتزييف الحقائق والتاريخ، وتجاهلت واقع الاحتلال، والحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية، ليس على قطاع غزة فقط، وإنما أيضاً في الضفة الغربية التي تقطع أوصالها مئات الحواجز العسكرية، إضافة إلى غول الاستيطان وتهويد القدس والحرب المعلنة على فلسطينيي ،48 وأعمال القتل اليومية والاعتقالات التي سبقت العدوان على غزة والجرائم التي ارتكبت خلال العدوان ومنذ 61 عاماً من الاحتلال.

التقرير أكد أن “هناك أدلة قوية على ارتكاب القوات “الإسرائيلية” انتهاكات جسيمة للاتفاقيات الدولية في غزة، بما في ذلك القتل المتعمد والتعذيب بصورة غير إنسانية لتعمد إلحاق أقصى ضرر أو إحداث جروح خطيرة، والتدمير الكبير للممتلكات”، وأن هذه الانتهاكات تدعم إمكان توجيه اتهامات على أساس “المسؤولية الإجرامية الفردية”، خصوصاً في “حالات استخدام مدنيين دروعاً بشرية، ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية”، ودعا جولدستون مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات ضد الدولة العبرية “لإنهاء الإفلات من العقاب”.

وطالب جولدستون، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن يضع المسألة فوراً أمام مجلس الأمن للتصرف بموجب الفصل السابع، وإحالة القضية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حال رفضت دولة الاحتلال “الإسرائيلي” إجراء “تحقيق ذي صدقية يتسق مع المعايير الدولية وبإشراف حقوقي دولي” في الاتهامات التي تضمنها التقرير خلال ستة شهور.

ويمثل تقرير جولدستون أهمية كبيرة بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من ويلات الاحتلال على مدار أكثر من ستة عقود، إضافة إلى معاناته من اختلال الموازين الدولية والانحياز الدولي لمصلحة الكيان، لكن أهمية التقرير في ذاته لا تكفي لإنصاف الضحية ومعاقبة الجلاد، بل يتوجب تكثيف الجهود من أجل استكمال مراحل معاقبة “إسرائيل” قانونياً، وهي جهود ليست بسيطة وتحتاج إلى تكاثف الجميع فلسطينياً وعربياً.

على صعيد العمل الأهلي قامت منظمات حقوق الإنسان بدورها على أكمل وجه، وقامت بجمع الأدلة والبراهين من خلال الرصد والتوثيق وجمع الملفات وتحضيرها ومقابلة الضحايا وذويهم، وقامت بتسليم تقاريرها التي أعدتها إلى مؤسسات حقوق الإنسان الدولية، ولجان تقصي الحقائق التي وصلت غزة، ولجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتحقيق في تدمير مقر “أونروا”، ولجنة التحقيق الدولية التي شكلتها جامعة الدول العربية، والتحالف الدولي للدفاع عن ضحايا العدوان، وغيرها من لجان التحقيق والتي خلصت في تحقيقاتها إلى تطابق كامل مع ما توصلت إليه لجنة جولدستون.

فالمعركة التي خاضتها مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والدولية أثناء العدوان وبعده كانت سبباً في الوصول إلى هذه النتيجة، وفي صدور تقرير أممي بأهمية التقرير الذي أصدره القاضي جولدستون.

ويرى إبراهيم أن السلطة الفلسطينية مطالبة بالقيام بدورها من خلال حملة سياسية ودبلوماسية وإعلامية، لممارسة الضغط على المسؤولين الأوروبيين، واستغلال الرأي العام الدولي المتعاطف والمؤيد لفرض عقوبات على المسؤولين “الإسرائيليين”.

آن الأوان أن تدرك القيادة الفلسطينية أن عليها واجباً وطنياً بإنهاء حال الانقسام، والعمل من أجل فك الحصار عن قطاع غزة، وعدم الركون إلى ما توصلت إليه اللجنة الأممية، وان الاحتلال لا يزال قائماً ويمارس أبشع الجرائم وبشكل يومي، ومن واجبها تسخير كل الطاقات لحث الدول العربية والأوروبية من أجل محاسبة المسؤولين “الإسرائيليين” وعدم الإفلات من العقاب.


الردود

  1. سلام ….

    و ان الاوان ايضا ان نتذكر غزة قبل كارثه اخرى و نعيد للاذهان مأساة العام الماضي ..يجب ان يكون الخبر هو الاهم حاليا اعني التحايل علي تقرير تقرير جولدستون ..يجب ان نكتب بكل اللغات في كل المودنات و الموقع الاجتماعية (الفيس بوك وغيره)

    كفاية كل مره السناريو يتكرر

    دمت سالما


اترك رداً على moshahidah إلغاء الرد

التصنيفات