Posted by: mustaf2 | ماي 25, 2009

ليس التطرف وحده السبب!

ليس التطرف وحده السبب!
مصطفى إبراهيم
21/3/2009
في نهاية العام الماضي نفذت جماعة إسلامية هجوماً مسلحاً ضد بعض الأهداف الغربية والأمريكية في مدينة بومباي الهندية، وساد اعتقاد لدى المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أن الهجوم هو ضد المركز الديني اليهودي في بومباي.
ربما لا يعرف البعض ما السبب في وجود مركز ديني يهودي في بومباي، ولم تجرؤ الصحافة الإسرائيلية أو الصحافيون الإسرائيليون على الخوض والبحث في المعلومات القليلة المتوفرة عن السر في ذهاب ألاف الإسرائيليين سنوياً إلى الهند للسياحة والاستجمام، خاصة صغار السن من الجنود الذين ينهون خدمتهم العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعانون من أمراض نفسية وعصبية.
وللخروج من الأزمات النفسية التي يعيشونها، يعيش هؤلاء الجنود حياة من اللامبالاة، ويتعاطون المخدرات، ويمكث بعضهم فترات طويلة تصل إلى عدة سنوات، وخوفاً من توجه هؤلاء الجنود إلى ديانات أو معتقدات أو أفكار أخرى، تقوم البعثة اليهودية الدينية وعلى رأسها رجل دين يهودي بعقد جلسات لهؤلاء الجنود وتوجيههم وتعليمهم تعاليم الديانة اليهودية من خلال المركز اليهودي في مومباي.
الهدف من وجود المركز الديني اليهودي في بومباي هو العمل على ألا ينحرف الجنود والسياح الإسرائيليين عن الدين اليهودي.
ما أريد قوله هنا أن افتتاحية صحيفتي “هآرتس” و”معاريف” الإسرائيليتين الخميس 18/3/2009، حول شهادات بعض الجنود الإسرائيليين حول الجرائم التي ارتكبها هؤلاء الجنود وغيرهم من قتل بدم بارد لمئات الفلسطينيين أثناء العدوان على قطاع غزة، أن من ارتكب ونفذ المذابح في غزة هم بعض الجنود المتدينين، فهناك من يريد أن يلصق التهمة بالحاخامات اليهود فقط، خاصة الحاخامية العسكرية، وان من نفذ تلك الجرائم هم من الجنود المتدينين فقط الذين يتلقون الدروس الدينية.
هذا صحيح، لكنه جزء صغير من الحقيقة، ومفادها أن هناك جزءاً كبيراً من الإسرائيليين يجنحون للتطرف الديني، وهذا ليس جديداً، وأعتقد أنه لم يكن الفلسطينيين ولا العالم بحاجة إلى شهادات جنود دولة إرهاب الدولة، فالفلسطينيون عاشوا تفاصيل المذبحة التي نفذها جنود لديهم إرادة القتل جاؤوا وهم على استعداد لتنفيذ المجزرة.
عاش الفلسطينيون في قطاع غزة تلك الفترة بكل تفاصيلها منذ اليوم الأول عندما نفذت الطائرات الحربية الغارات الجوية التي أودت بحياة 240 شرطياً في اليوم الأول فقط من العدوان، وما تلاها من مذابح نفذها جنود دولة الأخلاق ضد المدنيين داخل منازلهم.
فالجنود الإسرائيليين يتحملون المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن تلك المذابح التي نفذوها، لكونهم تلقوا أوامر صريحة وواضحة بالقتل لكل شخص يتحرك سواء في الشارع أو داخل منزله والشواهد عديدة ولا تحتاج لشهادات هؤلاء الجنود فكثير من الإسرائيليين ساهم وحرض على قتل الفلسطينيين في قطاع غزة بما فيها وسائل التي لم تتوقف لحظة قبل وأثناء العدوان على قتل الفلسطينيين.
والمسؤولية تقع أيضاً على قادة دولة الاحتلال الذين أعطوا الأوامر الصريحة بقتل الفلسطينيين، ومحاولة وسائل الإعلام ومن خلفها المسؤولين في المستويين السياسي والعسكري التملص من الجريمة وإلقاء التهم على بعض الجنود خاصة المتدينين يدحض ادعائهم هذا ويثبت من دون لبس أن الجنود الإسرائيليين تركوا خلفهم ما يدل على ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، ومن هذه الأدلة إصدار الأوامر المكتوبة من بعض قادة الوحدات للجنود، وطريقة التعامل مع الفلسطينيين، وإطلاق النار عليهم بدءاً من قتل الأطفال والنساء والطواقم الطبية وتدمير المنازل والممتلكات بشكل متعمد إلى التعمد بتلويث المنازل بقذارات الجنود.
وهناك الكثير من الأدلة عثر عليها الفلسطينيون في منازلهم تؤكد حجم الكره والحقد الذي يحمله هؤلاء الجنود للفلسطينيين وقدرتهم على التجرد من إنسانيتهم والقتل بدم بارد، فهذه الشهادات تزيد الفلسطينيين قناعة أن جيش دولة الاحتلال هو جيش غير أخلاقي وتمت تعبئته على العنصرية والفاشية ضد الفلسطينيين.
وما يزيد من قناعة الفلسطينيين أن قادة دولة الاحتلال هم من أعطوا أوامر القتل وهم من يتحمل المسؤولية عن قتل الفلسطينيين بالإضافة إلى جنودهم، أن هذه القيادة تسيطر عليها العقلية الإجرامية، التي تستمد شرعيتها من قتل الفلسطينيين والتباهي والمزايدة فيما بينهم بذلك.
وما اتخذته الحكومة الإسرائيلية من إجراءات قمعية وعقابية ضد الأسرى الفلسطينيين من حرمانهم من حقوقهم التي يكفلها القانون الدولي وحصلوا عليها أيضاً بالدم وليس منحة من قبل دولة الاحتلال، واعتقال عدد من قادة ونواب حركة “حماس” في الضفة الغربية، رداً على فشل المفاوضات المتعلقة بصفقة شاليت ما هو الا استمرار في إرهاب الدولة الذي تمارسه القيادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والرغبة في فرض مزيد من العقوبات بحقهم.
فهذه الإجراءات المترافقة مع تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة ما هي الا محاولة لتركيع الفلسطينيين والضغط عليهم لتقديم تنازلات سياسية لم تنفك الدولة العبرية عن ممارستها في يوم من الأيام ضد الفلسطينيين من دون تمييز.
كل ذلك يتزامن مع تهديداتها بارتكاب مزيد من الجرائم في حق الفلسطينيين، فيما المجتمع الدولي يشارك في مؤامرة الصمت على الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال ويطالب الضحية بالتزام قرارات الرباعية الدولية والدخول في بيت الطاعة الإسرائيلي وإلا سوف تستمر الإجراءات العقابية والجرائم بحقهم.
فالفلسطينيون ليسوا بحاجة لشهادات الجنود الإسرائيليين، بل هم بحاجة إلى أن تمتلك القيادة الفلسطينية الشجاعة والإرادة وان تعترف أنها فشلت في قيادة الشعب الفلسطيني في العمل على تخليصهم من الاحتلال بدلاً التمسك بسراب حلول مؤقتة.
Mustafamm2001@yahoo.com

-انتهى-


أضف تعليق

التصنيفات